الفهرس

القسم الثاني: عائشة... والخلفاء

3

علي بن أبي طالب... وعائشة

حرب أمير المؤمنين... وأمهم

 

قال سعد بن أبي وقاص: «قتل [عثمان] بسيف سلّته عائشة وصقله طلحة وسمّه علي»(1). وقال محمد بن طلحة بن عبيد الله: «دم عثمان على ثلاثة أثلاث: ثلث على صاحبة الهودج [عائشة]، وثلث على صاحب الجمل الأحمر [طلحة]، وثلث على عليّ ابن أبي طالب»(2).

«لمّا قتل عثمان، كانت عائشة بمكة، وحين بلغها قتله، لم تكن تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر؛ فقالت: بعداً لنعثل وسحقاً!! إيه ياذا الإصبع [طلحة]!! إيه أبا شبل! إيه يابن عم! لكأني أنظر إلى إصبعه وهو يبايع»(3). وفي رواية أخرى، أن عائشة لمّا بلغها قتل عثمان «وهي بمكّة، أقبلت مسرعة، وهي تقول: إيه يا ذا الإصبع! لله أبوك! أما أنهم قد وجدوا طلحة لها كفوءاً... وقد روى قيس بن أبي حازم أنّه حجّ في العام الذي قتل فيه عثمان، وكان مع عائشة... فسمعها تقول في بعض الطريق: إيه ذا الإصبع! وإذا ذكرتُ عثمان، قالت: أبعده الله! وروي عن طريق آخر أنها قالت، لما بلغها قتله: أبعده الله! قتله ذنبه، وأقاده الله بعمله! يا معشر قريش! لا يسوءنكم قتل عثمان كما ساء أوحيمر ثمود قومه! أحقّ الناس بهذا الأمر لذو الإصبع - يعني طلحة... فلما جاءت الأخبار ببيعة عليّ (ع)، قالت: تعسوا! تعسوا! لا يردون الأمر في تيم أبداً»(4).- يعني أهلها.

حثت عائشة الخطى باتجاه المدينة. ولما وصلت إلى سرف، ولقيها عبد ابن أم كلاب، وهو عبد أم سلمة، ينسب إلى أمه، فقالت له: مهيم؟ قال: قتلوا عثمان، فمكثوا ثمانياً! قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالإجماع، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز - اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب! فقالت: والله، ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك، ردوني ردوني! فارتدّت إلى مكّة، وهي تقول: قتل - والله - عثمان مظلوماً! والله لأطلبن بدمه! فقال لها ابن أم كلاب(5): ولم؟ فوالله إن أوّل من أمال حرفه لأنتِ؛ وقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر! فقالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل! فقال لها ابن أم كلاب:

فمنك البداء ومنك الغير

 

 

ومنك الرياح ومنك المطر

 

وأنت أمرت بقتل الإمام

 

 

وقلت لنا إنه قد كفر...

 

فانصرفت إلى مكة، فنزلت على باب المسجد، فقصدت الحجر، واجتمع الناس إليها، فقالت: يا أيها الناس! إن عثمان قتل مظلوماً، والله لأطلبن بدمه»(6).

إذن، لقد كان هدف عائشة إعادة الخلافة إلى أسرتها: بني تيم. ورغم أن طلحة(7)، هذا الذي أرادته خليفة، كان من أشد المؤلبين على عثمان، فقد تبدّلت مواقفها بالكامل من مقتل الخليفة الثالث، حين بويع لعلي بالخلافة: بدأت ترثي عثمان القتيل المظلوم!!!

تحفل الروايات بمبررات وآراء حول هذا التبدل المفاجئ - غير العصي على الفهم - في موقف عائشة. يقول ابن سعد في طبقاته(8)، إن عائشة رثت عثمان بعد قتله، فقالت: «تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه تذبحونه، كما يذبح الكبش. فقال لها مسروق: هذا عملك، أنتِ كتبتِ إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه! فقالت عائشة: لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون، ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا! قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها».

العداء الأصيل!

لماذا كانت عائشة مسكونة، وهي أم المؤمنين والمرجع الكبير في أمور الدين، بكل هذا العداء لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وهو صهر النبي وابن عمه؟

يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج(9): «أوّل بدء الضغن، كان بينها وبين فاطمة (ع)، وذلك لأن رسول الله (ص) تزوجها عقب موت خديجة... والبنت تكره ميل أبيها إلى امرأة غريبة... وإذا كانت قد ماتت، ورثت ابنتها تلك العداوة... مال [إلى عائشة] زوجها وأحبّها، فازداد ما عند فاطمة بحسب زيادة ميله، وأكرم رسول الله (ص) فاطمة إكراماً عظيماً... فكان هذا وأمثاله يزيد الضغينة عند الزوجة.

ثم حصل عند بعلها [علي] ما هو حاصل عندها... وكانت تكثر الشكوى من عائشة... وكما كانت فاطمة تشكو إلى بعلها، كانت تشكو عائشة إلى أبيها، [أبي بكر]، فحصل في نفس أبي بكر من ذلك أثر ما، ثم تزايد تقريظ رسول الله (ص) لعلي (ع)... فأحدث ذلك حسداً له وغبطة في نفس أبي بكر منه، وهو أبوها، وفي نفس طلحة، وهو ابن عمها؛ وكانت تجلس إليهما، وتسمع كلامهما، وهما يجلسان إليها، ويحادثانها، فأعدى إليها منهما كما أعدتهما...

علي... كان ينفس على أبي بكر سكون النبي (ص) إليه وثناءه عليه، ويحب أن ينفرد هو بهذه المزايا والخصائص دونه ودون الناس أجمعين... ثم كان من أمر القذف(10) [الإفك] ما كان، ولم يكن عليّ (ع) من القاذفين، ولكنه كان من المشيرين على رسول الله (ص) بطلاقها... قال له لما استشاره: إن هي إلاّ شسع نعلك!... ونقل النساء إليها [عائشة] كلاماً من عليّ وفاطمة، وأنهما قد أظهرا الشماتة!!! جهاراً وسراً بوقوع هذه الحادثة لها، فتفاقم الأمر وغلظ...

نزل القرآن ببراءتها... فاشتدت الحال وغلظت، وطوى كلّ من الفريقين قلبه على الشنآن لصاحبه...ثم اتفق أن فاطمة ولدت أولاداً كثيرة... ولم تلد هي ولداً، وأن رسول الله (ص) كان... يسمي الواحد منهم «ابني». ثم اتفق أن رسول الله (ص)، سدّ باب أبيها إلى المسجد، وفتح باب صهره، ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة، ثم عزله عنها بصهره، فقدح ذلك أيضاً في نفسها؛ وولد لرسول الله (ص) ابراهيم من مارية، فأظهر عليّ (ع) بذلك سروراً كثيراً، وكان يتعصّب لمارية... وجرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عائشة، فبرّأها عليّ منها... وكان ذلك كشفاً محساً بالبصر، لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن، المنزّل ببراءة عائشة - وكل ذلك كان يوغر صدر عائشة عليه، ويؤكد ما في نفسها منه... ثم مات ابراهيم، فأبطنت شماتة، وإن أظهرت كآبة، ووجم عليّ (ع) من ذلك وكذلك فاطمة، وكانا... يريدان أن تتميز مارية عليها بالولد‍...

مرض رسول الله (ص) المرض الذي توفي فيه، وكانت فاطمة (ع) وعلي (ع) يريدان أن يمرض في بيتهما، وكذلك كان أزواجه كلهن(؟)، فمال إلى بيت عائشة، بمقتضى المحبّة التي كانت لها دون نسائه، وكره أن يزاحم فاطمة وعلي في بيتهما... فغُبطت على ذلك، ولم يمرض رسول الله (ص) منذ قدم المدينة مثل هذا المرض، وإنما كان مرضه الشقيقة يوماً أو بعض يوم، ثم يبرأ.

[اتهم عليّ عائشة بأنها] أمرت بلالاً، مولى أبيها، أن يأمره [لأبيها]: فليصلّ بالناس! لأن رسول الله، كما روي، قال: ليصلّ بهم أحدهم!

[ذكر علي، أن النبي لم يقل]: إنكنّ لصويحبات يوسف! إلا... لأنها وحفصة بادرتا إلى تعيين أبويهما...

بايع [علي أبا بكر]، وكان يبلغه وفاطمة عنها ما يكرهانه منذ مات رسول الله (ص) إلى أن توفيت فاطمة، وهما صابران على مضض ورفض؛ واستظهرت بولاية أبيها، واستطالت وعظم شأنها، وانخذل عليّ وفاطمة قهراً، وأخذت فدك، وخرجت فاطمة تجادل في ذلك مراراً(11) فلم تظفر بشيء، وفي ذلك تبلغها النساء... عن عائشة كلّ كلام يسوءها.

ثم ماتت فاطمة(12) ، فجاء نساء رسول الله (ص) كلهن إلى بيت بني هاشم في العزاء، إلا عائشة، فإنها لم تأتِ وأظهرت مرضاً، ونقل إلى عليّ (ع) عنها كلاماً يدلّ على السرور...

واستمرت على هذا مدة خلافة أبيها وخلافة عمر وعثمان، والقلوب تغلي، والأحقاد(!!!) تذيب الحجارة، وكلما طال الزمن على عليّ تضاعفت همومه، وباح بما في نفسه، إلى أن قتل عثمان، وقد كانت عائشة من أشدّ الناس عليه تأليباً وتحريضاً؛ فقالت: أبعده الله! لمّا سمعت قتله، وأملت أن تعود الخلافة في طلحة، فتعود الإمرة تيمية كما كانت أولاً، فعدل الناس عنه إلى عليّ بن أبي طالب، فلما سمعت ذلك، صرخت: واعثماناه! قتل عثمان مظلوماً! وثار ما في الأنفس، حتى تولّد من ذلك يوم الجمل وما بعده».

كانت تلك صورة مختصرة سريعة لرموز ذلك المجتمع الذي يسوَّق الآن «كمجتمع قديسين». فكيف كانت تفاصيل صورة ذلك «المجتمع القديسي»؟!.

صراع قمة الهرم:

لقد كشف الصراع الخفي بين أمير المؤمنين وأمهم عن وجهه السافر بعد وفاة النبي. وكانت الخلافة، قمة الهرم، بؤرة الصراع بين الطرفين. ويبدو أن عائشة، عقب وفاة النبي مباشرة، راحت تبث أحاديث، تنفي فيها على نحو مطلق أن يكون النبي أوصى لعليّ بالخلافة؛ من ذلك، مثلاً: «ذكروا عند عائشة أنّ علياً كان وصياً، فقالت: متى أوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إلى صدري - أو قالت: في حجري - فدعا بالطست، فلقد انحنث في حجري وما شعرت أنه مات، فمتى أوصى إليه؟»(13) .

بالمقابل، كانت عائشة أحياناً، في بضع أحاديث بثتها، تقول إن النبي لمّح إلى أبي بكر كخليفة بعده(14) : «لمّا كان وجع النبي (ص) الذي قبض فيه، قال: ادعوا لي أبا بكر وابنه، فليكتب لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع، ولا يتمنى متمن! ثم قال: يأبى الله ذلك والمسلمون - مرتين!... قالت عائشة: فأبى الله والمسلمون!... إلا أن يكون أبي، فكان أبي»(15) .

أُدخلت عواطف النبي حيال هذا الطرف أو ذاك في الصراع الدموي بين أمير المؤمنين وأمهم. فمن جهة، كانت عائشة تقول: إن أحبّ الناس إلى قلب النبي هو «أبو بكر ثم عمر»(16) - نقل عنها أيضاً، أنها قالت في المسألة ذاتها: «فاطمة وزوجها»(17) -، ومن جهة أخرى، تم تقديم أحاديث أُقحمت فيها عائشة وأبوها، تجعل علياً أحب الناس إلى قلب النبي: يروي أحمد في مسنده(18) أن أبا بكر استأذن «على رسول الله (ص). فسمع صوت عائشة عالياً، وهي تقول: والله لقد عرفت أن علياً أحبّ إليك من أبي ومني - مرتين أو ثلاثاً»؛ ويسند أسد الغابة(19) إلى معاذة الغفارية قولها، إنها سمعت «النبي (ص)، يقول لعائشة: إنّ هذا أحب الرجال إلي، وأكرمهم عليّ، فاعرفي له حقه، وأكرمي له مثواه». - وهذا ما لم يحصل قط! وكل محاولات النبي لم تجدِ نفعاً عند أم المؤمنين: كانت عائشة تكره حتى مجرد ذكر اسم علي. يخبرنا البخاري في صحيحه، نقلاً عن عائشة، أنه «لما ثقل النبي (ص)، واشتد وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذنّ له! فخرج بين رجلين، تخطّ رجلاه في الأرض. وكان بين العبّاس ورجل آخر‍ قال عبيد الله [بن عمر]: فذكرت ذلك لابن عبّاس ما قالت عائشة؛ فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تسمّ عائشة؟ قلت: لاّ! قال: هو عليّ بن أبي طالب»(20) . وفي نص الطبقات(21) ، قال ابن عباس: «هو علي، إن عائشة لا تطيب له نفساً». وفي تاريخ الطبري(22) ، يقول ابن عباس: «لا تقدر على أن تذكره بخير، وهي تستطيع»(23) .

استخدم مكان موت النبي كعنصر أساسي في الصراع الدموي بين أمير المؤمنين وأمهم؛ خاصة وأن مكان موته، كما رأينا، يمكن أن يساهم في تحديد ما إذا كان أوصى لعلي أم لم يوص. فمن جهة، تلمح عائشة على موت النبي بين سحرها ونحرها(24) ؛ ومن جهة أخرى، ينفي ابن عباس ذلك بقوة، قائلاً: «أتعقل! والله لتوفي رسول الله (ص) وهو لمستند إلى صدر علي، وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عبّاس، وأبى أبي أن يحضر، وقال: إن رسول الله (ص) كان يأمرنا أن نستتر»(25) . وكانت النتيجة، كالعادة، ركاماً هائلاً من نصوص متناقضة تظهر دون أدنى لبس شيوع التلفيق في ذلك الزمن دعماً لهذا الموقف أو ذاك. وعلى سبيل المثال، نجد في طبقات ابن سعد فصلين، يحمل الأول عنوان: ذكر من قال: إن رسول الله (ص) لم يوصِ، وأنه توفي ورأسه في حجر عائشة(26) ؛ ويحمل الثاني عنوان: ذكر من قال: توفي رسول الله (ص) في حجر عليّ بن أبي طالب(27) .

حرب الجمل:

لمّا كنّا قد ناقشنا «حرب الجمل» في أكثر من عمل لنا، فسوف نكتفي هنا باستعراض سريع لمجريات تلك الحرب، مع بعض التوقف عند مرتكزاتها الأساسية.

فبعد مقتل عثمان، أكثر الناس على طلحة والزبير واتهموهما بقتله. احتدم النقاش بشأن مسألة خلافة عثمان؛ فقال الزبير: قد تشاورنا فرضينا علياً، فبايعوه. فقال علي: ليس ذلك إليكم، إنما هو لأهل الشورى وأهل بدر، فمن رضي به أهل الشورى وأهل بدر فهو الخليفة. لكن ما أمضى عليّ خليفة، هو قول عامة الناس: يمضي قتل عثمان في الآفاق والبلاد فيسمعون بقتله، ولا يسمعون أنه بويع لأحد فيثور كلّ رجل منهم في ناحية، فلا نأمن أن يكون في ذلك الفساد، فارجعوا إلى عليّ(28) .

يتحدث ابن سعد في طبقاته(29) عن بيعة علي، فيقول: «بويع لعلي بن أبي طالب (رض) بالمدينة، الغد من يوم قتل عثمان، بالخلافة؛ بايعه طلحة والزبير، وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو(30) ... وعمار بن ياسر وأسامة بن زيد وسهل بن حنيف وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وخزيمة بن ثابت وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله (ص) وغيرهم، ثم ذكر طلحة(31) والزبير أنهما بايعا كارهين غير طائعين، وخرجا إلى مكة وبها عائشة». ويقال في أسد الغابة(32) عن بيعة علي: «كان أول من بايعه طلحة بلسانه وسعد بيده، فلما رأى عليّ ذلك، خرج إلى المسجد، فصعد المنبر، فكان أول من صعد إليه فبايعه، طلحة، تابعه الزبير». لكن لماذا انضم طلحة والزبير إلى عائشة في مكة في ثورتها ضد علي؟

يبدو أن العامل المادّي هو السبب المباشر لذلك. فقد أراد طلحة إمارة الكوفة، وأراد الزبير إمارة البصرة، فرفض الخليفة؛ تقول إحدى الروايات: «كان الزبير لا يشك في ولاية العراق، وطلحة في اليمن... قال الزبير: هذا جزاؤنا من علي، قمنا له في أمر عثمان، حتى أثبتنا عليه الذنب وسببنا له القتل، وهو جالس في بيته، وكفي الأمر. فلما نال ما أراد، جعل دوننا غيرنا.

[وبرّر عليّ لابن عباس سبب رفضه لطلبيهما، بقوله]: إن العراقين بهما الرجال والأموال، ومتى تملّكا رقاب الناس، يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان»(33) . - ونلاحظ، كالعادة، تضارب الروايات بشأن الأمصار التي طلب الإثنان من عليّ ولايتها.

إضافة إلى ما سبق، زاد عليّ بأن ساوى بينهما وبين سائر المسلمين في العطاء، مخالفاً بذلك سنة عمر، التي يبدو أنه اخترعها دون سند شرعي.

جاء الإثنان إلى عليّ يزعمان أنهما يريدان العمرة في مكة؛ فقال علي: «والله ما أرادا العمرة، ولكن أرادا الغدرة»(34) . ولحق بالإثنين بنو أمية، الذين وافاهم إلى مكة ولاة عثمان الذين عزلهم علي.

الأمويون:

كان الأمويون المستفيد الأول والأخير من حرب الجمل. فهم، من جهة، قتلوا رموزاً إسلامية هامة كان يمكن أن تنافسهم مستقبلياً على الخلافة؛ وأضعفوا، من جهة أخرى، علياً بحيث استطاعوا، مع تراكم الضربات والمؤامرات، إسقاط خلافته وبالتالي خطه - مرة وإلى الأبد.

إن عائشة هي المسؤولة الأولى - وربما الأخيرة - عن هذه السلسلة من المآسي المتراكمة. فقد قادتها عاطفتها القبلية - وربما غير القبلية - إلى الاستماتة في إيصال ابن عمها، طلحة، إلى رأس الهرم في الدولة الفتية. وكانت النتيجة أن خسرت عائشة كلّ شيء: كادت أن تُسبى لولا سماحة أخلاق علي؛ قتل ابن عمها طلحة؛ قتل زوج أختها الزبير؛ ومعهما ألوف مؤلفة من خيار المسلمين. وكان أهم الأمويين في معسكر عائشة:

² مروان بن الحكم:

«لما خرج طلحة والزبير وعائشة من مكة، يريدون البصرة [لحرب علي]، خرج معهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم... [فقال سعيد]: قد زعمتم، أيها الناس، أنّكم إنّما تطلبون بدم عثمان، فإن كنتم تريدون، فإنّ قتلة عثمان على صدور هذه المطى وأعجازها، فميلوا عليهم بأسيافكم وإلاّ فانصرفوا إلى منازلكم ولا تقتلوا في رضى المخلوقين أنفسكم... فقال مروان بن الحكم: بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل كان الظفر فيه، ويبقى الباقي، فنطلبه وهو ضعيف»(35) .

رغم أن طلحة ومروان كانا في المعسكر ذاته المعادي لعلي، فقد قتل مروان(36) طلحة. تقول رواية الطبقات(37) : « كان مروان مع طلحة في الخيل، فرأى فرجة في درع طلحة، فرماه بسهم فقتله». ويفصّل أسد الغابة(38) المسألة، فيقول: «كان سبب قتل طلحة أن مروان بن الحكم رماه بسهم في ركبته، فجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح، انتفخت رجله، وإذا تركوه جرى. فمات منه. فقال مروان: لا أطلب بثأري [لعثمان] بعد اليوم. والتفت إلى أبان بن عثمان، فقال: قد كفيتك بعض قتلة أبيك»(39) .

في حرب الجمل، «ثبتت عائشة، وحماها مروان في عصابة، فأحدق بهم علي... و[كان] كلمّا وثب رجل يريد الجمل، ضربه مروان بالسيف وقطع يده، حتى قطع نحو عشرين يداً من أهل المدينة والحجاز والكوفة، حتى أتي مروان من خلفه، فضرب ضربة فوقع، وعرقب الجمل الذي عليه عائشة، وانهزم الناس، وأسرت عائشة، وأسر مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان وموسى بن طلحة وعمرو بن سعيد بن العاص. فقال عمّار لعلي: أقتل هؤلاء الأسرى!!! فقال علي: لا أقتل أسير أهل القبلة إذا رجع ونزع»(40) .

² يعلى بن أمية:

«استعمله عثمان على صنعاء... وأعان الزبير [في حرب الجمل] بأربعمائة ألف؛ وحمل سبعين رجلاً من قريش، وحمل عائشة على الجمل الذي شهدت القتال عليه، واسم الجمل عسكر»(41) . وفي رواية أخرى: «جهزهم يعلى بن أمية بستمائة بعير وستمائة ألف درهم»(42) . وفي رواية ثالثة، أن يعلى بن أمية اشترى عسكر «بثمانين ديناراً»(43) . وأخرج الطبري عن الزهراني، قوله: «ثم ظهرا، يعني طلحة والزبير، إلى مكة، بعد قتل عثمان بأربعة أشهر، وابن عامر يجر الدنيا؛ وقدم يعلى بن أمية معه بمال كثير، وزيادة عن أربعمئة بعير، فاجتمعوا في بيت عائشة (رض)، فأداروا الرأي، فقالوا: نسير إلى عليّ فنقاتله. فقال بعضهم: ليس لكم طاقة بأهل المدينة، ولكنا نسير حتى ندخل البصرة والكوفة؛ ولطلحة بالكوفة شيعة وهوى وللزبير بالبصرة هوى ومعونة. فاجتمع رأيهم على أن يسيروا إلى البصرة وإلى الكوفة، فأعطاهم عبد الله بن عامر مالاً كثيراً وإبلاً، فخرجوا في سبعمائة رجل من أهل المدينة والكوفة، ولحقهم الناس حتى كانوا ثلاثة آلاف رجل»(44) .

² عبد الله بن عامر:

يحدثنا عنه ابن سعد في طبقاته(45) ، فيقول: «ابن خال عثمان [ - أو: «خال عثمان بن عفان وابن عمة النبي (ص)-(46) ]، ولاّه البصرة، فافتتح خراسان كلها وأطراف فارس وسجستان وكرمان وزابلستان... قدم على عثمان بالمدينة، فقال له عثمان: صل قرابتك وقومك! ففرّق في قريش والأنصار شيئاً عظيماً من الأموال والمكسوات... وظلّ والياً على البصرة إلى أن قتل عثمان؛ فلما سمع ابن عامر بقتله، حمل مافي بيت المال، وسار إلى مكة، فوافى بها طلحة والزبير وعائشة، وهم يريدون الشام؛ فقال: بل ائتوا البصرة، فإن لي بها صنائع، وهي أرض أموال، وبها عدد الرجال». لكن سعيد بن العاص، يقول: «أما الأموال فعنده، وأما الرجال فلا رجل»(47) . وكان عبد الله قد هرب ليلاً من البصرة، بعدما بايع أهلها علياً؛ وقد جهّز الرجل معسكر عائشة، على ما قاله المسعودي(48) ، بألف ألف درهم، ومائة من الإبل، وغير ذلك(49) .

­ نساء النبي الأخريات

باستثناء عائشة، فقاموس حرب أمير المؤمنين وأمهم، لا يذكر سوى اسم أم سلمة المخزومية، زعيمة الحلف المعادي لعائشة وحلفها، وحفصة بنت عمر، يد عائشة اليمنى وصديقتها اللدود - وذلك من بين نساء النبي. وكان طبيعياً بالتالي أن تقف أم سلمة بجانب عليّ وحلفه، وحفصة بجانب عائشة ومعسكرها. فقبيل حرب الجمل، كتبت أم سلمة، وكانت في مكّة، إلى علي، تقول: «أما بعد! فإن طلحة والزبير وأشياعهم، أشياع الضلالة؛ يريدون أن يخرجوا بعائشة، ومعهم عبد الله بن عامر؛ يذكرون أن عثمان قتل مظلوماً؛ والله كافيهم بحوله وقوته! ولولا ما نهانا الله عن الخروج، وأنت لم ترضَ به، لم أدع الخروج إليك والنصرة لك. ولكني باعثة إليك بابني، وهو عدل نفسي، عمر بن أبي سلمة، يشهد مشاهدك كلها، فاستوصِ به، يا أمير المؤمنين، خيراً... فلما قدم على عليّ أكرمه، ولم يزل معه حتى شهد مشاهده كلها»(50) . وفي رواية أخرى، يقال: «فلما قدم عمر على عليّ (ع) أكرمه، ولم يزل معه حتى شهد مشاهده كلها. ووجهه أميراً على البحرين»(51) . من ناحية أخرى، فقد قالت أم سلمة لعائشة لمّا همت الأخيرة بالخروج إلى حربها مع أمير المؤمنين: «يا عائشة! إنك سدة بين رسول الله (ص) وبين أمته، حجابك مضروب على حرمته، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، وسكّن الله عقيرك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة، قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد فيك عهداً، بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد؛ ما كنت قائلة لو أن رسول الله (ص) قد عارضك بأطراف الفلوات ناصّة قلوصك مقوداً من منهل إلى منهل؟! إن بعين الله مثواك! وعلى رسول الله (ص) تعرضين، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقى محمداً هاتكة حجاباً جعله الله علي، فاجعليه سترك، وقاعة البيت قبرك، حتى تلقيه وهو عنك راض... فقالت عائشة: يا أم سلمة، ما أقبلني لوعظك، وأعرفني بنصحك، ليس الأمر كما تقولين، ولنعم المطلع مطلعاً أصلحت فيه بين فئتين متناحرتين»(52) . بالمناسبة، فالمصادر الاسلامية لا تذكر شيئاً عن الوسيلة التي تم بها تسجيل هذا الحديث، المفخم للغاية، الخاص للغاية، بين اثنتين من أمهات المؤمنين!!

تخبرنا تلك المصادر أيضاً، أنه لمّا جاءتها عائشة تطلب منها الخروج معها للمطالبة بالثأر لعثمان، ردّت أم سلمة: «إنك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان، وتقولين فيه أخبث القول، وما كان اسمه عندك إلا نعثلاً، وإنك لتعرفين مكانة عليّ عند رسول الله (ص)»(53) .

بالمقابل، فقد «أرادت حفصة المسير معهم [لقتال علي فمنعها(54) أخوها عبد الله»(55) . لكن مشاعر حفصة كانت دائماً مع عائشة. ذكر أبو مخنف أنه لما نزل عليّ ذا قار، كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر: «  أما بعد! فإني أخبرك أن علياً نزل ذا قار وأقام بها مرعوباً خائفاً لما بلغه من عدتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشقر: إن تقدّم عقر، وإن تأخر نحر!! فدعت حفصة جواري لها يتغنين ويضربن بالدفوف؛ فأمرتهن أن يقلن في غنائهن:

              ما الخبرِ! ما الخبرِ! عليّ في السفرِ؛

              كالفرس الأشقرِ؛

              إن تقدّم عقر، وإن تأخر نحر.

وجعلت بنات الطلقاء(56) يدخلن على حفصة، ويجتمعن لسماع ذلك الغناء! فبلغ أم كلثوم بنت عليّ [ زوجة أبيها]، فلبست جلابيبها، ودخلت عليهن في نسوة متنكرات، ثم أسفرت عن وجهها؛ فلما عرفتها حفصة، خجلت واسترجعت؛ فقالت أم كلثوم: لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم، لقد تظاهرتما على أخيه [النبي] من قبل، فأنزل الله فيكما ما أنزل! فقالت حفصة: كفى، رحمك الله! وأمرت بالكتاب فمزّق، واستغفرت الله»(57) .

محمد بن أبي بكر:

قد يكون محمد بن أبي بكر الحلقة الضعيفة الوحيدة في معسكر علي. فهو متهم فعلاً بقتل عثمان. ويبدو أن الأحداث المتلاحقة لم تتح أمام عليّ مجالاً كي يولي مسألة قتل عثمان ما تستحقه من الأهمية. تقول إحدى الروايات: «جاء عليّ إلى امرأة عثمان، فقال لها: من قتل عثمان؟ قالت: لا أدري؛ دخل عليه رجال لا أعرفهم، إلا أن أرى وجوههم، وكان معهم محمد بن أبي بكر... فقال [محمد]: صدقت! قد والله دخلت عليه، فذكر لي أبي، فقمت عنه، وأنا تائب إلى الله تعالى! والله ما قتلته، ولا أمسكته! فقالت: صدق، ولكن هو أدخلهم»(58) . لكن هذا لا ينفي التهمة، بأية حال، عن محمد ابن أبي بكر. وكثير مما تبقى لنا من شواهد، يؤكد دور محمد في قتل الخليفة. فعلى سبيل المثال، كان الحسن، بسبب دور محمد في قتل عثمان، «لا يسميه باسمه، إنما كان يسميه الفاسق»(59) . كذلك فربما تكون طريقة قتل محمد بن أبي بكر الدليل الأفضل على اعتقاد الناس عموماً، وبني أمية خصوصاً، على أنه قاتل عثمان. ورد في المروج: «أخذه معاوية بن خديج وعمرو بن العاص وغيرهما، فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار... وقيل إنه فُعل به ذلك وبه شيء من الحياة؛ وبلغ معاوية [بن أبي سفيان] قتل محمد وأصحابه، فأظهر الفرح والسرور»(60) . وكان معاوية بن خديج قال لمحمد قبل أن يقتله: «قتلت ثمانين من قومي في دم الشهيد عثمان، وأتركك ، وأنت صاحبه»(61) . أخيراً، كانت عائشة ذاتها غاضبة على أخيها محمد لسعيه على عثمان(62) - وربما لوجوده في معسكر عليّ - وكانت تسمّيه مذمماً، وتقول: «قتل الله مذمماً بسعيه على عثمان»(63) .

حرب المبشّرين بالجنة!

«خرج أصحاب الجمل... من مكة، وأذّن مروان... ثم جاء حتى وقف عليهما [طلحة والزبير]، فقال: على أيكما أسلّم بالأمرة وأؤذن بالصلاة؟ فقال عبد الله بن الزبير: على أبي عبد الله! وقال محمد بن طلحة: على أبي محمد! فأرسلت عائشة إلى مروان، فقالت: مالك؟ أتريد أن تفرق أمرنا! ليصلّ ابن أختي، [عبد الله بن الزبير]، فكان يصلّي بهم حتى قدم البصرة، فكان معاذ بن عبيد الله، يقول: والله لو ظفرنا لافتتنا، ما خلّى الزبير بين طلحة والأمر، ولا خلّى طلحة بين الزبير والأمر»(64) .

«لما خرج طلحة والزبير إلى البصرة، كتبت أم الفضل بنت الحارث، يعني زوجة العباس ابن عبد المطلب (رض) إلى عليّ بخروجهم؛ فقال: علي: العجب! وثب الناس على عثمان فقتلوه وبايعوني غير مكرهين، وبايعني طلحة والزبير، وقد خرجا بالجيش إلى العراق»(65) .

لمّا اقتربت عائشة من البصرة، أرسل واليها، عثمان بن حنيف، أبا الأسود الدؤلي، ليستعلم منها عن سبب مجيئها، فقالت إنها جاءت تطلب الثأر لعثمان. ولما أجابها بأن قتلة عثمان ليسوا في البصرة، قالت بأنها قادمة كي تستنهض أهل البصرة كي يغضبوا لدم عثمان من قتلته الموجودين ضمن معسكر علي(66) . لكن أبا الأسود زعم بأن خروجها هو خروج على كتاب الله وسنّة نبيه، وأن أبناء عثمان أولى بالثأر لأبيهم منها. وعندما اكتشف الدؤلي أن طلحة والزبير يحملان رأي عائشة ذاته، عاد إلى عثمان ابن حنيف(67) ، وقال له: إنها الحرب، فتأهب لها(68) .

كان كثيرون من أبرز وجوه المجتمع الإسلامي آنذاك يرفضون خروج عائشة لحرب عليّ جملة وتفصيلاً، معتبرين إياه، كغيرهم، خروجاً على الكتاب والسنّة. وكان ضمن هؤلاء: زيد بن صوحان العبدي(69) ، جارية بن قدامة السعدي(70) ، والأحنف بن قيس(71) . في حين استنكر عبد الله بن حكيم على طلحة خروجه مطالباً بدم عثمان وهو الذي خلعه ودعا إلى قتله، وبايع من بعده عليّ بن أبي طالب(72) .

اندلعت الحرب بين جيش عائشة وجماعة عثمان بن حنيف، لكن الطرفين عادا للصلح، وأرجئ الأمر إلى ما بعد وصول عليّ إلى البصرة، وكتب عهد بين المتحاربين(73) . لكن حزب عائشة نقض العهد. فقد خرجوا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر، بعدما تأكدوا من أن ابن حنيف لا يشك فيهم، وقد لبسوا الدروع وظاهروا فوقها الثياب، فانتهوا إلى المسجد وقت صلاة الفجر، وكان ابن حنيف سبقهم إلى المسجد، فلما تقدّم ليصلي، أخّره أصحاب طلحة والزبير وقدّموا الزبير، وتشاحن الطرفان حتى كادت الشمس تطلع. ثم غلب الزبير، فصلّى بالناس. ولما فرغ من صلاته، صاح بأصحابه المسلّحين، أن خذوا عثمان بن حنيف، فلما أُسر ضُرب ونُتف شعر وجهه ورأسه، وأخذوا الشرطة وحرّاس بيت المال، وهم سبعون رجلاً، فانطلقوا بهم وبعثمان بن حنيف إلى عائشة، التي قالت لأبان بن عثمان: اخرج إليه فاقتله فإن الأنصار قتلوا أباك!

لكن عثمان بن حنيف هدّد عائشة وفريقها بأخيه، خليفة عليّ على المدينة، وقال إنهم إن قتلوه، فسيقتل أخوه كلّ أهلهم هناك! فكفّوا عنه! وأمرت عائشة الزبير بقتل الشرطة وحرّاس بيت المال، فذبحهم الزبير كما تذبح الغنم.

بقيت طائفة منهم مستمسكين ببيت المال، وقالوا: لا ندفعه إليكم حتى يقدم أمير المؤمنين! أي علي! فسار إليهم الزبير في جيشه ليلاً، فأوقع بهم وأخذ منهم خمسين أسيراً، فقتلهم صبراً! فكان هذا الغدر بعثمان بن حنيف أول غدر في الإسلام، وكان قتل الشرطة وحرّاس بيت المال أول قوم ضربت أعناقهم في الإسلام صبراً، وكانوا مئة وعشرين رجلاً(74) ؛ وقيل: كانوا أربعمائة رجل(75) . ثم طردوا عثمان بن حنيف، فلحق بعلي، فلما رآه بكى، وقال له: فارقتك شيخاً وجئتك أمرداً! فقال علي: إنّا لله وإنا إليه راجعون(76) .

الجمل الأصغر:

لما بلغ حكيم بن جبلة، سيّد عبد القيس، ما صنع القوم بعثمان بن حنيف وخُزّان بيت مال المسلمين وغير ذلك، خرج في ثلاثمائة من قومه؛ فتصدّى له جيش عائشة، التي حملوها على جمل، فسمّي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر، مقارنة بيومها مع علي، يوم الجمل الأكبر. وانجلت المعركة عن مقتل كلّ بني عبد القيس، بمن فيهم حكيم بن جبلة وأخوته الثلاثة وابنه.

من الجدير بالذكر، أن طلحة والزبير اختلفا في من يصلّي بالناس هنا أيضاً؛ فأصلحت بينهما عائشة، فجعلت يوماً لعبد الله بن الزبير ويوماً لمحمد بن طلحة. وقيل إنهم لما دخلوا بيت المال، ورأوا ما فيه من الأموال، قرأ الزبير، وقد استفزه الفرح: وعدكم الله مغانم كثيرة فجعل لكم هذه! فنحن أحق بها من أهل البصرة(77) .

حوارات المبشرين... بالجنّة!!

تروي المصادر أن علياً ذكّر الزبير بقول النبي لعلي: ليقتلنّك ابن عمتك [الزبير] هذا، وهو لك ظالم؛ فرجع الزبير رافضاً قتاله. ولما استفزّه ابنه عبد الله، متهماً إياه بالجبن، ردّ الزبير: ويحك! إني قد حلفت له أن لا أقاتله! فقال له ابنه: كفّر عن يمينك بعتق غلامك سرجس. فأعتقه، وقام في الصف الأول معهم(78) .

تذكر رواية أخرى أن علياً قال للزبير: أتطلب مني دم عثمان وأنت قتلته؟ لسلّط الله على أشدّنا عليه اليوم ما يكره! ودعا عليّ طلحة، فقال: يا طلحة، جئت بعرس رسول الله (ص) تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت؟ أما بايعتني؟ قال: باعيتك وعلى عنقي اللج! وأصر طلحة على الحرب(79) .

الوغى:

حاول عليّ منع الحرب عن طريق الإلتجاء إلى حكم المصحف. لكن يبدو أن حزب عائشة كان مصرّاً على الحرب. ولعبت عائشة الدور الأبرز في تحريض الناس على القتال. «كانت جهورية الصوت»(80) . وظلّت تستفز حميتهم حتى عُقر الجمل، بعد أن قتل على خطامه أربعون رجلاً(81) . وما أن هوى الجمل حتى آواه علي، وفيه عائشة، إلى وارف من ظله منيع، وجعل معها أخاها محمداً، وأطلق سراح الأسرى.

كانت معركة الجمل يوم الخميس، لعشرين خلون من جمادى الآخرة، سنة 36 للهجرة.

كان عدد القتلى، من حزب عائشة، ثلاثة عشر ألفاً، بمن فيهم طلحة والزبير(82) ؛ أما من حزب علي، فقتل نحو من ألف شخص(83) .

ذيول الحرب... وطرائفها:

تخبرنا إحدى الروايات أن علياً «أمر المنادي، فنادى: ما كان لهم من مال في أهليهم فهو ميراث على فرائض الله! فقام رجل، فقال: كيف تحلّ لنا أموالهم، ولا تحلّ لنا نساؤهم ولا أبناؤهم؟ فقال: لا يحلّ لكم ذلك! فلما أكثروا عليه في ذلك، قال: اقترعوا، هاتوا بسهامكم! ثم قال: أيكم يأخذ أمكم عائشة في سهمه؟»(84) .

الطريف، أن عائشة التي أدّت بخروجها هذا إلى فتنة لم تغلق أبوابها قط - بغض النظر عن ألوف القتلى والجرحى من خيار المسلمين - تضايقت للغاية حين «جاء أعين ابن ضبة بن أعين المجاشعي حتى اطلع في الهودج، فقالت: إليك لعنة الله! فقال: والله ما أرى إلا حميراء! فقالت له: هتك الله سترك وقطع يدك وأبدى عورتك! فقتل بالبصرة، وسلب وقطعت يده، ورمي به عرياناً في خربة من خرب الأزد»(85) ؛ الأطرف ، أن يستجيب لها الإله بمباشرية مخيفة رغم كلّ أعمالها التي تخالف أبسط أوامر هذا الإله!

رغم كلّ المبررات التي يلفقها الإسلاميون المعاصرون لعائشة، لغسلها من مصائب الجمل وذيولها، فقد كانت هي ذاتها مسكونة بشعور الإثم بسبب فعائلها. تورد إحدى الروايات أنه «ذكر لعائشة يوم الجمل فقالت: وددّت لو جلست كما جلس صواحبي»(86) ؛ أو: «كان أحبّ إليّ من أن أكون ولدت من رسول الله بضع عشرة رجال كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أو مثل عبد الله بن الزبير»(87) . ويقول أحد الرواة: «حدثني من سمع عائشة (رض)، إذا قرأت هذه الآية، «وقرن في بيوتكن» [أحزاب 33]، بكت حتى تبل خمارها»(88) . يذكر أيضاً، أن عائشة قالت: «إذا مرّ ابن عمر فأرونيه. فلما مرّ، قيل لها: هذا ابن عمر! قالت: يا أبا عبد الله، ما منعك أن تنهاني عن مسيري [يوم الجمل]؟ قال: رأيت رجلاً قد غلب عليك وظننت أنك لا تخالفينه - يعني ابن الزبير! قالت: أما لو أنك نهيتني ما خرجت - تعني: مسيرها في فتنة يوم الجمل»(89) . وقيل: «إن ابن عبّاس دخل على عائشة قبل موتها، فأثنى عليها، فلما خرج، قالت لابن الزبير، أثنى عليّ عبد الله بن عبّاس ولم أكن أحب أن أسمع أحد اليوم يثني علي، لوددّت أني كنت نسياً منسياً»(90) ؛ أو: «وددّت أني إذا مت، كنت نسياً منسياً»(91) ؛ أو: «يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة»(92) ؛ وقيل أيضاً «إن عائشة لما احتضرت جزعت، فقيل لها: أتجزعين يا أم المؤمنين، وابنة أبي بكر الصدّيق؟ فقالت: إن يوم الجمل لمعترض في حلقي! ليتني مت قبله، أو كنت نسياً منسياً»(93) . لذلك طلبت قبيل وفاتها أن لا تدفن مع النبي، قائلة: «إني قد أحدثت بعد رسول الله (ص)، فادفنوني مع أزواج النبي (ص)»(94) ؛ قال الذهبي: «تعني بالحديث: مسيرها يوم الجمل»(95) . - كيف لا، وكانت لعنة الجمل تلاحقها في كلّ الأفواه باستمرار؟ يروى «أن رجلاً نال من عائشة (رض) عند عمار بن ياسر؛ فقال: أغرب مقبوحاً منبوذاً، أتؤذي حبيبة رسول الله (ص)؟»(96) .

لكن كلّ هذا الندم لم يغسل قلبها، وهي أم المؤمنين، من كراهية أميرهم: عليّ بن أبي طالب. فقد ظلّت تكرهه حتى بعد مماته. تحدثنا روايات كثيرة، أن عائشة، لما بلغها «قتل عليّ (رض)، قالت:

فألقت عصاها واستقر بها النوى

 

 

كما قر عيناً بالإياب المسافر

 

فمن قتله؟ قيل: رجل من مراد! فقالت:

فإن يك نائياً فلقد نعاه

 

 

غلام ليس في فيه التراب»(97)

 

وفي رواية أخرى، أنها «سجدت لله شكراً، وأظهرت السرور وتمثلت... فقالت زينب بنت أم سلمة: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت: إني أنسى، فإذا نسيت فذكروني»(98) . وفي نص مقاتل الطالبيين(99) يقال إن الذي جاءها بنعيه هو سفيان بن أبي أمية.

الفهرس

(1) الإمامة والسياسة 1: 67.

(2) الإمامة والسياسة 1: 84.

(3) أنساب الأشراف 2: 217.

(4) شرح نهج البلاغة ط1 2: 77.راجع أيضاً عرض هذه الحوادث باختصار في تاريخ ابن خياط، ص.ص108 ومابعد

(5) في نص الإمامة والسياسة (1: 66)، يقال: «فخرجت عائشة باكية، تقول: قتل عثمان رحمه الله! فقال لها عمار [بن ياسر]: بالأمس كنت تحرضين الناس عليه، واليوم تبكينه».

(6) راجع: تاريخ الطبري 5: 172؛ الكامل 3: 105؛ فتوح ابن الأعثم 2: 248؛ تذكرة الخواص 64؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحار الأنوار 32: 136: 112: 1.

(7) راجع مثلاً: تاريخ الطبري 5: 139، 143، 154، 165؛ الكامل 3: 87 ط بيروت؛ تاريخ ابن خلدون 2: 397؛ أنساب الأشراف 5: 44، 72، 76، 81، 90؛ الإمامة والسياسة 1: 34.

(8) 3: 60.

(9) 9: 191 - 199.

(10) سنقدّم الموضوع بتفاصيله لاحقاً.

(11) ورد في مسند أحمد، مسند العشرة المبشرين بالجنة 25، عن عائشة، قولها: «إن فاطمة بنت رسول الله (ص) سألت أبا بكر (رض) بعد وفاة النبي (ص) أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسـول الله (ص) مما أفـاء الله عليه! فقال لها أبو بكر (رض): إن رسول الله (ص)، قال: لا نورث، ما تركناه صدقة! فغضبت فاطمة (ع)، فهجرت أبا بكر (رض)، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت... وعاشت بعد وفاة النبي (ص) ستة اشهر... وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك  رسول الله (ص) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله (ص) يعمل به إلا عملت به، وإنـي =

= أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ! فأما صدقته بالمدينة، فدفعها عمر الى علي وعبّاس، فغلبه عليها علي!! وامّا خيبر وفدك، فأمسكهما عمر (رض)، وقال: هما صدقة رسول الله (ص)، كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر... فهما على ذلك اليوم». (راجع مثلاً: صحيح البخاري، فرض الخمس 2862؛ طبقات ابن سعد 8: 23؛ السمط الثمين 157). ويقول ابن سعد في طبقاته (2: 241)، إن علياً قال لأبي بكر: «ورث سليمان داود، وقال زكريا: يرثني ويرث من آل يعقوب. فقال أبو بكر: هو هكذا، وأنت والله تعلم مثلما أعلم! فقال علي: هذا كتاب الله ينطق! فسكتوا، وانصرفوا». وفي شرح نهج البلاغة (16: 214)، يقال إن فاطمة قالت لأبي بكر: «إن أم أيمن تشهد لي بأن رسول الله (ص) أعطاني فدك... قال أبو بكر: إن هذا المال لم يكن للنبي (ص) وحده، وإنما كان من أموال المسلمين! فقالت: والله لاكلمتك أبداً».

(12) يروي اليعقوبي في تاريخه (2: 115): «كان بعض نساء رسول الله أتينها في مرضها، فقلن: يا بنت رسول الله، صيّري لنا في حضور غسيلك حظاً! قالت: أتردن أن تقلن فيّ كما قلتن في أمي؟ لا حاجة لي في حضوركن! [أو]: أجدني - والله - كارهة لدنياكم، مسرورة لفراقكم، ألقى الله ورسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق، ولا رعيت مني الذمة، ولا قبلت الوصية، ولا عرفت الحرمة». وفي رواية أخرى، نجدها تقول لأسماء بنت عميس: «إذا أنا مت، فاغسليني أنت وعلي، ولا تدخلي علي أحداً. فلما توفيت ، جاءت عائشة، فمنعتها أسماء» (أسد الغابة 5: 524).

(13) مسند أحمد، مسند الأنصار 22911؛ راجع: صحيح مسلم، الوصية 3088؛ طبقات ابن سعد 8: 19؛ شرح النهج لابن أبي الحديد: 2: 26: 52.

(14) تقول عائشة أيضاً: «قبض رسول الله (ص) ولم يستخلف أحداً، ولو كان مستخلفاً أحداً، لاستخلف أبا بكر وعمر» (مسند أحمد، مسند الأنصار 23210).

(15) مسند أحمد، مسند الأنصار 23608.

(16) الترمذي، مناقب 3830.

(17) المرجع السابق 3809.

(18) 4: 275.

(19) 5: 548.

(20) صحيح البخاري، أذان 625؛ راجع: سيرة ابن هشام 2: 649؛ صحيح البخاري، وضوء 191، آذان 624؛ تاريخ الطبري 2: 433.

(21) 2: 179.

(22) تاريخ الطبري 1: 1801 ط أوروبا.

(23) كان علي يقول عن عائشة: «أما فلانة فقد أدركها ضعف رأي النساء، وضغن غلا في صدرها، كمرجل القين. ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت إلي، لم تفعل!» (شرح النهج 2: 456 - 460). أو: «وأما عائشة، فقد أدركها رأي النساء وشيء كان في نفسها علي، يغلي كالمرجل. ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت إلي، لم تفعل» (كنز العمال 8: 215 - 217؛ منتخب الكنز 6: 315 - 316).

(24) صحيح البخاري، جنائز 130.

(25) طبقات ابن سعد 2: 202.

(26) 2: 202.يجب أن لاننسى قول الطبري في تاريخه إن النبي « مات وهو في بيت زينب » زوجته 187:3.

(27) 2: 201 - 202.

(28) راجع: الإمامة والسياسة 1: 65.

(29)  3: 22.

(30) تقول مصادر أخرى، إن عبد الله بن عمر، محمد بن مسلمة، اسامة بن زيد، حسان بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، تخلّفوا عن البيعة. راجع، مثلاً، تاريخ ابن أعثم 163. من أجل مبايعة الأمويين له، راجع: تاريخ اليعقوبي 2: 125؛ تاريخ ابن أعثم 163 - 164.

(31) طلحة هو الذي حامت حوله الشبهات برفض المبايعة. مع ذلك، هنالك رأيان في المسألة: الأول، أنه بايع بلسانه ومنع يده؛ والثاني، أنه أول من صعد المنبر، فبايع علياً بيده، وكانت أصابعه شلاء، فتطير منها علي، وقال: ما أخلقها أن تنكث. راجع: الإمامة والسياسة 1: 66. من أجل بيعة علي عموماً، راجع: تاريخ الطبري 5: 143 - 144؛ ابن الأثير 3: 76؛ تاريخ أعثم 159 وما بعد؛ الرياض النضرة 2: 131 - 132؛ كنز العمال 3: 161؛ الأنساب 5: 70؛ الحاكم في المستدرك 3: 114.

(32) 4: 32.

(33) الإمامة والسياسة 1: 71.

(34) الجملة من تاريخ اليعقوبي 2: 127؛ راجع أيضاً: تاريخ ابن أعثم 166 - 167؛ تاريخ الطبري 5: 153؛ ابن كثير 7: 227 - 228؛ فتوح ابن أعثم 2: 248؛ شرح نهج البلاغة 2: 170 - 173؛ الإمامة والسياسة 1: 71.

(35) طبقات ابن سعد 5: 26.

(36) في رواية أخرى في الطبقات (5: 28): يقول مروان: «والله إن دم عثمان إلا عند هذا، هو كان أشدّ الناس عليه، وما أطلب أثراً بعد عين! ففرق له بسهم، فرماه به، فقتله».

(37) 5: 27.

(38) 3: 61.

(39) من أجل قتل طلحة، راجع: تاريخ الطبري 5: 204؛ تاريخ اليعقوبي 2: 158؛ المستدرك 3: 371؛ ابن عبد البر في الاستيعاب 207 - 208؛ إصابة ابن حجر 2: 222؛ الذهبي في النبلاء 1: 82 - 83؛ العقد الفريد 4: 321؛ ابن عساكر في تهذيب تاريخه: 7: 84 - 87.

(40) الإمامة والسياسة 1: 97.

(41) أسد الغابة 5: 128 - 129.

(42) الكامل 3: 102.

(43) تاريخ الطبري 5: 167؛ راجع أيضاً: ابن الأثير 2: 313؛ شرح النهج 2: 80 ط1؛ نور الأبصار 82؛ تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي 65؛ الإمامة والسياسة 1: 79.

(44) تاريخ الطبري 5: 168؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحار الأنوار 32: 211: 166: 3.

(45) 5: 35 - 36؛ راجع أيضاً: أسد الغابة 3: 192 - 193.

(46) الجملة بين قوسين من تاريخ الإسلام للذهبي، عصر معاوية، ص258.

(47) الإمامة والسياسة 1: 78.

(48) مروج الذهب 2: 394.

(49) راجع: الإمامة والسياسة 1: 79.

(50) راجع: تاريخ الطبري 5: 167؛ تذكرة الخواص 65؛ المعيار والموازنة للإسكافي 30؛ الكامل في التاريخ
3: 113.

(51) شرح نهج البلاغة 6: 219.

(52) ابن طيفور، بلاغات النساء 8؛ راجع: الفائق للزمخشري 1: 290؛ العقد الفريد 3: 69؛ شرح نهج البلاغة 2: 79.

(53) شرح نهج البلاغة 6: 217؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحار الأنوار 32: 149: 123: 2.

(54) يقال إنه لم يستجب لها من نساء النبي للخروج إلى البصرة إلا حفصة، لكن أخاها عبد الله أتاها، فعزم عليها بترك الخروج، فحطت رحلها بعد أن همت. راجع: تاريخ الطبري 5: 167 - 169؛ الكامل في التاريخ 3: 106؛ شرح نهج البلاغة 2: 80.

(55) الكامل في التاريخ 3: 106.

(56) الطلقاء تسمية مستمدّة من عبارة قالها النبي لبني أميّة الذين ظلّوا معادين له حتى استيلائه على مكّة؛ فقد أجابهم، عندما جاؤوه مستسلمين، متوقعين منه أحد أشكال الانتقام: « اذهبوا فأنتم الطلقاء » .والعبارة مستخدمة للغاية في الدوائر الشيعية للإنتقاص من الأمويين عموماً.

(57) شرح نهج البلاغة، ط إيران 2: 157؛ من أجل مرجع شيعي، أنظر: بحار الأنوار 32: 86: 61: 1.

(58) الإمامة والسياسة 1: 66.

(59) طبقات ابن سعد 3: 61.

(60) مروج الذهب 2: 409؛ راجع: طبقات ابن سعد 3: 61.

(61) سير أعلام النبلاء 3: 482.

(62) سعيد الأفغاني، عائشة والسياسة 72.

(63) أنساب الأشراف 5: 102؛ العقد الفريد 3: 98؛ بلاغات النساء 12؛ البيان والتبيين 2: 209.

(64) راجع: تاريخ الطبري 5: 168 - 169؛ أنظر أيضاً: طبقات ابن سعد 5: 23.         نلاحظ بالمناسبة، قول أسد الغابة (3: 59): «آخى رسول الله (ص) بينهما [طلحة والزبير] بمكة قبل الهجرة».

(65) أسد الغابة 2: 179.

(66) أنظر ما ذكرناه سابقاً بشأن محمد بن أبي بكر.

(67) ورد في أسد الغابة (3: 15): «لما قدمت عائشة (رض) إلى البصرة، أرسلت إليه [الأحنف بن قيس] تدعوه ليقاتل معها، فقالت له: بِمَ تعتذر إلى الله تعالى من جهاد قتلة عثمان أمير المؤمنين؟ فقال: يا أم المؤمنين! تقولين فيه وتنالين منه؟ قالت: ويحك يا أحنف، إنهم ماصوه مص الإناء ثم قتلوه! قال: يا أم المؤمنين، إني آخذ بقولك وأنت راضية، وأدعه وأنت ساخطة».

(68) راجع: الإمامة والسياسة 1: 57؛ شرح نهج البلاغة 2: 81؛ العقد الفريد 2: 278.

(69) راجع: الكامل 3: 110؛ تاريخ الطبري 5: 183، 188.

(70) راجع: تاريخ الطبري 5: 176؛ الإمامة والسياسة 1: 60؛ تذكرة الخواص 67.

(71) راجع: البيهقي، المحاسن والمساوئ 1: 35.

(72) راجع: شرح النهج 2: 500.

(73) راجع: شرح النهج 2: 500؛ الكامل 3: 110؛ مروج الذهب 2: 358.

(74) مروج الذهب 2: 358.

(75) شرح النهج 2: 501.

(76) راجع: تاريخ الطبري 5: 186.

(77) راجع: طبقات ابن سعد 5: 40؛ شرح نهج البلاغة 2: 501؛ مروج الذهب 2: 357.

(78) راجع: تاريخ الطبري 3: 519 وما بعد؛ الكامل 3: 123؛ مروج الذهب 2: 363؛ تذكرة الخواص 70؛ المستدرك للحاكم 3: 366؛ أغاني أبي الفرج 16: 131، 132؛ العقد الفريد 2: 279؛ مطالب المسؤول 41؛ الرياض النضرة 2: 273؛ مجمع الزوائد 7: 235؛ فتح الباري لابن حجر 13: 46؛ المواهب اللدنية للقسطلاني 2: 195؛ شرح المواهب للزرقاني 3: 318 و7: 217؛ الخصائص الكبرى للسيوطي 2: 137؛ السيرة الحلبية 3: 315؛ شرح الشفا للخفاجي 3: 165.

(79) تاريخ الطبري 3: 520؛ الإمامة والسياسة 1: 95.

(80) الكامل 3: 105.يقال في الأخبار الطوال إن « عائشة كانت في هودجها أمام القوم..أصاب ساعدها خدش سهم دخل بين صفائح الحديح »(147، 151).

(81) «حمل الأشتر النخعي، وهو يريد عائشة، فلقيه عبد الله بن الزبير، فضربه، واعتنقه عبد الله فصرعه، وقعد على صدره، ثم نادى عبد الله: اقتلوني ومالكاً» (الإمامة والسياسة 1: 96).

(82) قتل الزبير ابن جرموز، حين أراد الأول مغادرة ساحة الوغى فقال الثاني: «ويلي عن ابن صفية [الزبير]، أضرمها ناراً، ثم أراد أن يلحق بأهله... فلما انتهى [الزبير] إلى وادي السباع؛ استغفله [ابن جرموز] فطعنه، ثم رجع برأسه وسلبه إلى قومه» (الإمامة والسياسة 1: 93 - 94).

(83) راجع: مروج الذهب 2: 359 - 360؛ أسد الغابة 1: 385؛ 2: 114، 1178؛ 4: 46، 100؛ 5: 143، 146، 286؛ الإصابة 1: 248؛ 2: 395؛ تاريخ الطبري 5: 163؛ كامل ابن الأثير 3: 96 - 97؛ تاريخ خليفة 185؛ سير أعلام النبلاء 1: 26؛ فتوح ابن الأعثم 2: 326؛ اتبداية والنهاية 7: 275.

(84) الإمامة والسياسة 1: 97؛ راجع أيضاً: شرح النهج لابن أبي الحديد: 1: 12: 249؛ مستدرك الوسائل، 11: 23: 56: 12417؛ 11: 23: 58: 12422؛ بحار الأنوار 32: 211: 173: 4.

(85) الكامل 3: 142.

(86) أسد الغابة 3: 284.

(87) طبقات ابن سعد 5: 1؛ فتوح ابن أعثم 2: 341 - 342؛ راجع: تاريخ الإسلام للذهبي، زمن معاوية 264؛ الأخبار الطوال 147.

(88) أسد الغابة 3: 284؛ طبقات ابن سعد 8: 64؛ راجع أيضاً: تفسير الآية في: الدر المنثور؛ الإصابة 701؛ السمط الثمين 29؛ تاريخ الطبري 3: 67؛ ذيل المذيل 2: 43؛ تاريخ الخميس 1: 475؛ صبح الأعشى 5: 435؛ منهاج السنة 2: 182، 186، 192، 198؛ الأعلام 3: 240؛ تاريخ الذهبي 253.

(89) تاريخ الإسلام للذهبي، عهد معاوية 246.

(90) طبقات ابن سعد 8: 59؛ راجع: صحيح البخاري 3: 11 في تفسير سورة النور؛ حلية الأولياء، ترجمة عائشة، مسند أحمد 1: 276، 349؛ تاريخ الذهبي، عهد معاوية 253.

(91) طبقات ابن سعد 8: 74؛ تاريخ الذهبي 253.

(92) المرجعان السابقان.

(93) بلاغات النساء 8؛ راجع: تذكرة الخواص 46.

(94) طبقات ابن سعد 8: 49؛ راجع أيضاً: بحار الأنوار 32: 327: 316: 8.

(95) النبلاء 2: 134 - 135؛ راجع أيضاً: المستدرك 4: 6؛ المعارف 59.

(96) تاريخ الذهبي، عهد معاوية 247؛ طبقات ابن سعد 8: 65؛ أبو نعيم في الحلية 2: 44؛ أسد الغابة 5: 503 - 504؛ السمط الثمين 34؛ صححه أيضاً الترمذي في المناقب 3975.

(97) تاريخ الطبري 4: 115؛ راجع: مروج الذهب 3: 259؛ راجع أيضاً: بحار الأنوار 32: 338: 324: 8.

(98) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين 43؛ راجع ايضاً: مجمع الرجال 4: 14؛ طبقات ابن سعد 3: 40؛ ابن الأثير 3: 157.

(99) ص 55؛ راجع: ابن الأثير 3: 171.

الفهرس